أحمد حسن يكتب: محمد صلاح ظاهرة تستحق الدراسة
محمد صلاح ظاهرة كروية مصرية عربية عالمية تستحق الدراسة ولنا أن نفخر بها جميعا، فهو من عينة لاعبين لم نعهدها من قبل، لم يصنعها إعلام مضلل ومنحاز أبعد ما يكون عن الحيادية والموضوعية، كما فعل مع انصاف لاعبين في فترات سابقة وجعل منها رموزا لا تستحق نصف الشهرة والنجومية التي نالتها، أو قضى على مواهب فذة كانت من الممكن أن تأخذ حظها في التألق والإبداع.
الملك المصري كما يحلو لجماهير الكرة الإنجليزية أن تطلق عليه، حافظ على مسيرة التألق والإبداع هذا الموسم بعدما وصل إلى مرحلة النضج الكروي، لتكتمل فيه مواصفات اللاعب الشامل القادر على توظيف قدراته الفنية والبدنية مع فكر إحترافي يتطور بشكل سريع وتصاعدي، وهذا يضمن له في القريب العاجل جائزة أفضل لاعب في العالم إذا ما أستمر على هذا النسق في ظل أفول نجم الثنائي ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو.
يكفي صلاح نضجا أنه لم يتأثر ولم يلق بالا بالجدل الدائر في وسائل الإعلام الانجليزية حول تجديد تعاقده مع الفريق والذي ينتهي صيف ٢٠٢٣ وما يثار حول الراتب الضخم الذي تردد أنه اشترط الحصول عليه وهو ٥٠٠ ألف جنيه استرليني إسبوعيا ليصبح ثاني أعلى راتب بعد الدون كريستيانو رونالدو لاعب مانشستر يونايتد.
فخر العرب ترك كل تلك الأقاويل سواء المؤيدة والداعمة لحصوله على هذا الرقم الضخم أو الرافضة والمنتقدة، ووضع جل تركيزه في الملعب، وكأنه أراد أن يثبت للجميع على أرض الواقع وداخل المستطيل الأخضر أنه يستحق أن يضع أي شروط للاستمرار داخل قلعة الانفيلد متسلحا في ذلك بظهير جماهيري عارم لامحال أنه سيضغط على ملاك النادي لإبقاء نجمنا المصري مع الفريق مهما كان الثمن.
محمد صلاح لو لعب للأهلي والزمالك كان سيتوارى خلف ستائر النسيان
هل عزيزي القارئ أن صلاح الذي بات حديث العالم بتسجيله هدفا خرافيا في مرمى مانشستر سيتي في اللقاء الذي جمع الفريقين في الجولة السابعة من الدوري الإنجليزي الممتاز والذي راوغ فيه ٤ لاعبين دفعة واحدة بمهارة يحسد عليها، لم يبتسم له الحظ ويرحل مبكرا إلى أوروبا من أجل بدء مسيرة حافلة في الاحتراف الخارجي وظل يلعب في الدوري المصري.
السيناريو الأقرب بكل تأكيد أنه كان سيتوارى خلف ستائر النسيان سريعا، مهما تألق أو أبدع في الملاعب، هذا إذا ما إفترضنا أنه يلعب لأحد أندية الأقاليم، حيث المعاناة من تجاهل الآلة الإعلامية التي لا ترى سوى اللونين الأبيض والأحمر فقط، والأمثلة على ذلك لاعبين موهوبين بحجم أحمد الكأس وحمدي نوح ومحمد حازم وهشام عبد الرسول وغيرهم كثيرون ممن اختفوا دون أن ينالوا ما يستحقون من الشهرة والنجومية .
أما إذا افترضنا انضمامه لأحد القطبين الأهلي أو الزمالك فكان عليه أن يتحمل سفالة المتعصبين من النادي المنافس لفريقه، وكان سينشغل كل يوم بشائعة جديدة من هنا وهناك ستجعل جل جل تركيزه سينصب في الدفاع عن نفسه، ناهيك عن الحرب المنظمة من الإعلام المناوئ للتشكيك في قدراته وهدمه من باب المكايدة ليس إلا.
في النهاية يجب أن نعترف أن الموهبة وحدها ربما لا تكفي للنجاح والوصول إلى ما وصل إليه محمد صلاح، أحد أفضل اللاعبين على مستوى العالم حاليا، إذا لم تتوافر الأجواء المناسبة لصقل وتطوير هذه الموهبة وهذا ما يتماشى مع مقولة العالم المصري الفذ الدكتور أحمد زويل عندما قال «الغرب ليسوا عباقرة ونحن لسنا أغبياء؛ هم فقط يدعمون الفاشل حتى ينجح، ونحن نحارب الناجح حتى يفشل!»