الإتحاد الافريقي (تطور أم تدهور)
نحن على أعتاب عام 2022 ولا زلنا حتى الآن نشاهد تخبط وعشوائية داخل أروقة الإتحاد الافريقي ولا نستطيع تحديد هل الخطوات التى تحدث فيه إيجابية أم سلبية ؟ خطوات تطور أم تدهور ؟ لأن ما نراه وما نتابعه أشياء غير واضحة المعالم.
أفريقيا التى أنجبت جورج وايا الحائز على الكرة الذهبية عام 1995 صحيح أنه الوحيد الذى استطاع أن يحصل على هذه الجائزة من أفريقيا ولكن أساطير كروية أخرى كثيرة خرجت من تلك القارة السمراء ساهمت فى صناعة التاريخ فى بعض بطولات أكبر الأندية الأوروبية، ولا يزال يخرج منها العديد والعديد من المواهب القادرة على تحقيق إنجازات عظيمة.
الإتحاد الافريقي (تطور أم تدهور)
أفريقيا تعد منجم ذهب ليس بما يخرج منها من لاعبين يصلون لأعلى المستويات فى اللعب للأندية الكبرى فقط ولكن أيضاً لاعبون من أصول أفريقية يلعبون للمنتخبات والذين دائماً ما يسطرون التاريخ فى كبرى المواعيد والبطولات.
اللاعبون الأفارقة ينشطون فى الدوريات الأوروبية وبأعداد كثيرة ومنهم من يعتبر العمود الفقرى للأندية التى يلعبون لها وبدونهم تفقد الأندية بعضاً من قوتها ولكنهم لا يحظون بالتقدير المناسب، كما أن البطولات الأفريقية ككأس الأمم تنال السخرية والتهكم من بعض المدربين.
كأس الأمم الأفريقية تعد من كبرى البطولات التى يرعاها الفيفا ولكنها كثيراً ما تشهد القيل والقال وتتكاثر الأحاديث بشأن موعد إقامتها من قبل المدربين أو المسئوولين بينما لم تشهد بطولة قارية أخرى مثل هذا اللغط المتكرر،
فنجد بعض المدربين يقللون من شأن تواجد لاعبيهم فى المنتخبات الأفريقية،كما نجد تدخل الفيفا أحياناً فى طرح نقاشات حول تأجيل أو تغيير موعد البطولة الأهم على مستوى القارة والذى من المفترض أن يكونوا داعمين لها بشتى الطرق.
تعاقب على رئاسة الإتحاد الافريقي والدولي فى السنوات الأخيرة بلاتر و إنفانتينو وعيسى حياتو وأحمد أحمد و موتسيبى والكثير من الأحاديث تأخذ فى ظاهرها دعماً لتطوير أفريقيا وبطولاتها ولكنها تحمل فى طياتها الكثير من التقليل ما يثير التساؤلات هل أنتم داعمين أم منتقدين؟
اقرأ أيضا: فيديو.. 3 لاعبين في الأهلي يطلبون حسم مصيرهم
عدد الدول المشاركة فى كأس العالم لا ترتقى لحجم دول الإتحاد الافريقي ولحجم لاعبيها المحترفين في أكبر الأندية، قوة الأندية الأفريقية أيضاً لا يعكس الصورة الحقيقة لمنجم ذهب يستفيد منه الكثير، رواتب اللاعبين المحترفين قليلا ما تصل لمستوى يرتقى بما يقدمه اللاعبون من أداء وبما يحققونه من إنجازات، حجم جوائز البطولات لا تتناسب أيضاً مع قوة كروية كبرى تستحق أفضل من ذلك على مستوى الرعاية والتسويق.
لابد أن نعترف أن برغم عراقة الإتحاد الافريقي إلا أننا لم نتحسس طريق الإنضباط ولا زلنا نعانى من العشوائية المفرطة فى التنظيم والإدارة ومستوى التحكيم وحجم جوائز البطولات شاهداً على ذلك.
منذ فترة تم طرح مشروع دورى السوبر الأفريقي على غرار ما قد تم طرحه من أكبر أندية أوروبا من فكرة مشروع دورى السوبر الأوروبي وهو الذى رفضه الإتحاد الأوروبي بشدة بل وهدد بمعاقبة الأندية التى قد تخطو خطوات فى إنشاء هذا المشروع .
إلا أن الإتحاد الأفريقى اجتمع كثيراً لمحاولة تنفيذ هذا المشروع الذى أرى أنه ما إلا تجربة لمشروع أوروبا المنبوذ وكأننا حقل تجارب لهم، بدلاً من محاولة التجربة أو التقليد علينا أن نتبنى مشروع تطوير حقيقى للبنية التحتية الرياضية التى لا تليق بالقارة، الإهتمام بسيادة القارة وإتحادها ومحاولة الحفاظ على البطولة الأهم وتطويرها وتحديد موعد غير قابل للمساس من أحد خارج القارة.
المشهد الحالى لكأس الأمم الأفريقية لا ينذر بالخير والفكرة لا تنطوى حول إقامة أو تأجيل البطولة ولكنها تنطوى حول التدخل والضغط والعشوائية التى لا زلنا نعانى منها، ذكر تلفزيون الجارديان خبر تأجيل كأس الأمم الأفريقية منذ بضعة أيام، أعقبه قرار من الفيفا بأحقية الأندية فى الاحتفاظ بلاعبيها حتى موعد 3 يناير أي قبل بدء البطولة بـ 6 أيام وهو ما يتنافى مع لوائح الفيفا المختصة بالأجندة الدولية من أحقية المنتخبات فى استدعاء لاعبيها قبل البطولات المجمعة بـ 14 يوماً، فكيف أن يكون هذا القرار دعماً للبطولة أو للاتحاد.
اقرأ أيضا: تفاصيل ميزانية شركة الأهلي لكرة القدم في حضور الخطيب
الفيفا دائماً ما ينادى بشعارات اللعب النظيف، نبذ التعصب، نبذ العنصرية ولكن الملاعب الأوروبية لا تزال تشهد أحداثاً مؤسفة من العنصرية الموجهة من الجماهير للاعبين يحملون البشرة السمراء ، وجوائز الفيفا التى لم تنصف أبداً المتميزين من اللاعبين الأفارقة وهى تلك الجوائز التى دائماً ما تشهد اختيارات ظالمة لأن لا يحكمها معيار وإنما يحكمها المال والعائدات الإعلانية.
العشوائية التى تضرب الإتحاد الافريقي على مر العصور هي نتاج فساد الفيفا الذى لا يرعى الانضباط سوى بشكل ظاهري.
التطور له أسس وقواعد وخطوات يلزمها المناخ المناسب لتنفيذه والإنضباط أهم عوامل إنجاحه وبدونه لن نرى سوى التدهور والإنحدار لا التقدم، معاناة الدول الأفريقية من حيث البنية التحتية لا تقتصر على الدول الصغيرة أو النامية وإنما يعانى منها حتى كبار القارة بإمكانياتهم الإقتصادية الكبيرة وذلك لا يرتقى بمكانة أفريقيا ولاعبيها الذين يصولون ويجولون فى ملاعب أوروبا يكسرون أرقاماً قياسية أو يكتبون أرقاماً جديدة ويسطرون تاريخاً عظيماً بأقدام ذهبية لا تجد من يعطيها حقها من الثناء والتقدير المعنوى والمادى فهم يستحقون الإنصاف لا المجاملة.
على الإتحاد الافريقي وضع خطة جادة التنفيذ لتطوير القارة الأفريقية منجم الذهب الغنى باللآلئ والكنوز الثمينة، البدء بتحسين الملاعب الرئيسية فى كل دولة سواء الأرضيات أو الإضاءة أو المدرجات، ثم بعد ذلك تطوير عقود رعاية الإتحاد وبطولاته بالشكل الذى يتناسب مع حجم القارة، عدم الانصياع لضغوط أوروبا أو الفيفا بما يضر بالصالح العام والحفاظ على سيادة القارة، وزيادة النفوذ الأفريقي فى المجتمع الرياضي الدولي لحماية حقوق الإتحاد الافريقي وبطولاته ولاعبيه، العمل على زيادة استضافة الدول الأفريقية للبطولات الكبرى وأهمها كأس العالم.
فالكثير من الدول لديها الإمكانيات لذلك كما شاهدنا جنوب أفريقيا وتنظيمها الرائع لكأس العالم 2010 والعديد من بطولات العالم للناشئين والشباب فى مصر وغيرها من الدول.
أفريقيا قوة كروية كبرى ولكن العشوائية التى تدار بها المنظومة الرياضية تحد من تفوقها المستحق والعنصرية التى يتعامل بها العالم معها غير مقبولة وكرة القدم للجميع هى شعار لا يتم تطبيقه وما نشهده يؤكد أن كرة القدم بجمالها الرائع لأوروبا أو لأصحاب رؤوس الأموال ولذلك علينا أن نعلن التحدى وننهض لمواجهة ذلك وإحتلال ما تستحقه القارة من مكانة.
د/أحمد السيد