المراهنات.. مابين الثراء السريع والتحريم والتجريم
تُمثل المراهنات جُزءاً لا يتجزأ من المنافسات الرياضية الشعبية حول العالم وخصوصاً في اللعبة الأكثر شهرة و انتشاراً
وهي كرة القدم حيث تنشط شركات ومواقع المراهنات في معظم دوريات كرة القدم العالمية.
وتتصدر شعارات بعض أكبر شركات المراهنات حول العالم قمصان بعض أندية كرة القدم الكبرى أو تشارك على الأقل في رعايتها، إلا أن مشروعيتها وطرق ممارستها تختلف من دولة إلى أخرى.
حيث تضع بعض الدول قيوداً على ممارستها بصفتها أحد أوجه اقتصادات الرياضة التي يجب تنظيمها في حين تخضع هذه الممارسة لقيود ورقابة أقل في مناطق أخرى من العالم ما يجعلها مدخلاً للتلاعب بنتائج المباريات من قبل كبار رؤوس الأموال المراهنة.
المراهنات.. لها خطورة كبيرة على المستوى الاجتماعي
الأمر في مصر ليس بمنأى عن هذا النشاط بخاصة وأن المسابقات الرياضية في مصر تحظى بإهتمام وشغف شعبي كبير حيث ظهرت في مصر في الآونة الأخيرة ظاهرة مواقع المراهنات الإليكترونية .
والتي تعتبر مكاتب مراهنات محمولة ومتنقلة توفر مصدر دخل للعديد من الشباب دون بذل أي مجهود فقط تحتاج لمحفظة إلكترونية ومبلغ مالي بسيط لتبدأ في المراهنة والتربح من خلال المراهنة على نتائج المباريات بالدوريات المختلفة .
وخلال السنوات الأخيرة باتت مباريات الدوري المصري لكرة القدم متاحة للمراهنات عبر مواقع كبرى، مع وضع رهانات تفصيلية
تبدأ من هوية الفائز في كل مباراة مروراً بتوقع أهداف كل فريق ومن سيسجل من لاعبي كل فريق ويتم تحديثها بشكل فوري مع تغير آني في قيمة الرهانات ما يشير إلى رواج المنافسة على المباريات.
وشهدت كرة القدم المصرية وقائع عدة خلال السنوات الأخيرة كانت شركات المراهنات طرفاً فيها
إذ سبق أن دفعت إحدى شركات المراهنات العالمية لأندية في دوري القسم الثاني “الممتاز ب” والقسم الثالث لوضع شعارها على قمصان اللاعبين وفي ملاعب المباريات.
اقرأ أيضا: جدول مواعيد مباريات اليوم الخميس 23 مارس 2023
لكن سرعان ما اختفت هذه الشعارات وسط الهجوم الإعلامي على مسؤولي الأندية الذين نفوا تماماً معرفتهم بأن هذه الشعارات لشركات مراهنات.
لكن رغم هذا، أكد الاتحاد المصري لكرة القدم في تصريح “أن الدوري المصري خالٍ تماماً من المراهنات، ومصر ليست ضمن الدول التي تُجرى فيها مثل تلك العمليات”.
دار الافتاء حرّمت المراهنات
وللمراهنات خطورة كبيرة تتمثل في نواحي عدة سواء على المستوى النفسي وكذلك المجتمعي فالربح السريع والسهل المراد من ورائها بكل تأكيد سيؤدى إلي تقاعس الشباب عن العمل ولو جزئيا
وأيضا يصبح أسير هذه التطبيقات ومتابعة المباريات ليس بغرض المتعة أو لبعض الوقت كما هو الوضع الطبيعي.
ولكن من أجل الترقب من أجل الحصول على المكسب وتجنب الخسارة ولا يقتصر الوضع على متابعة فريقه المفضل فحسب بل متابعة كل المباريات التى راهن على نتائجها وكذلك بما لا يخفى على أحد ان المراهنة مقامرة.
ومنهم من يصل فيها إلى حد الإدمان واشياء أخرى فقد ذكرت جمعية الطب النفسي الأمريكية ، فإن الأشخاص الذين يعانون من مشاكل القمار أكثر عرضة للانتحار.
أما علي الجانب الشرعي فقد جاء عن دار الإفتاء المصرية عن «المراهنات»، إذ أكدت أن المراهنة هي شكل من أشكال القمار وهي حرام بلا شك.
اقرأ أيضا: من هو الحكم عبدالعزيز بوه حكم مباراة الأهلي والهلال السوداني
واستشهدت دار الإفتاء بقول الله تعالى في القرآن الكريم: ﴿يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما الخَمرُ والمَيسِرُ والأَنصابُ والأَزلامُ رِجسٌ مِن عَمَلِ الشَّيطَانِ فَاجتَنِبُوهُ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ﴾ [المائدة :90]
وقوله سبحانه: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 188]، وقال عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29].
وأوضحت الإفتاء أن هذه المسابقة إن كانت باشتراك مالي من المتسابقين فلا ريب أنها تكون من المراهنة والمقامرة الممنوعة
لأن المتسابقين بذلك يكون كل منهم قد أخرج مالًا معينًا ثم يأخذ الفائز منهم هذا المال جميعه مضيفة أنه إذا لم يكن الاشتراك في هذه المسابقة بمقابل مالي فإن الحكم الشرعي عليها بالجواز.
واختتمت فالاشتراك في مسابقة التكهنات الرياضية التي لا تتطلب دفع مال فيها جائز شرعًا إذا كان المتسابِق يبني توقعه على دراسات وتحليل منطقي.
أما عن الوضع القانونى حدد قانون العقوبات المصري رقم 73 لسنة 1957 أحكام ألعاب القمار واليانصيب، حيث عرف القانون ألعاب القمار بأنها الألعاب ذات الخطر على مصالح الجمهور لأن الربح فيها يكون موكولاً للحظ أكثر منه للمهارة، إلا أن هذه العقوبة تختلف ويتم تحديدها بحسب المكان والوسيلة.
وفي سياق منفصل نصت المادة 353 من الفصل الخاص بأحكام ألعاب القمار والنصيب بقانون العقوبات رقم 73 لسنة 1957
أنه: «يعاقب بهذه العقوبات أيضا كل من وضع للبيع شيئاً في النمرة المعروفة باللوتري دون إذن الحكومة وتضبط أيضا لجانب الحكومة جميع النقود والأمتعة الموضوعة في النمرة»
فيما يخص المراهنات لا يوجد أي نص قانوني او بيان من الحكومة يمنع هذا النوع من القمار، فحسب القانون تقوم عملية القمار على ركنين أساسيين
الأول تواجد شخصين أو أكثر مهيئين لممارسة أحد لعب القمار، و الثاني توفر الوسائل اللازمة من المكان و الآلات و النقود و أشخاص احترافيين لإدارة اللعبة.
إن تأملنا في الركنين السابقين يتجلى لنا انعدام الشرط الثاني في المراهنات على الإنترنت
حيث تتم المراهنات و ألعاب القمار الإلكتروني افتراضيا على شبكات و منتديات الإنترنت،و التي يكون غالبها تسير من خارج مصر و تكون مرخصة في الدول التي تشتغل داخلها.
اقرأ أيضا: قرار عاجل في الأهلي بشأن تذاكر مباراة الهلال السوداني
بالإضافة الى أن التعاملات المالية تتم عبر خلال المحافظ الالكترونية أو البطاقات الائتمانية لشراء الأرصدة وهو ما يعتبر قانوني كليا.
لذا فعلى الدولة والمجتمع النظر لهذا الأمر بعين الرعاية والإهتمام وقيام المؤسسات التشريعية بسن القوانين اللازمة تجاه هذه الظاهرة لوقاية المجتمع شرورها .
وكذلك الحفاظ على نظافة المجتمعات الرياضية من خطر التلاعب بالنتائج وما شابه وكذلك المؤسسات التنفيذية بالقيام بحظر وحجب هذه المواقع داخل الدولة حتى لا يتم الوصول إليها .